من أين البداية؟

مجموعة زين

تأسست مجموعة زين - التي كانت تُعرف سابقاً باسم "إم تي سي" (شركة الاتصالات المتنقلة) - بموجب مرسوم أميري في العام 1983 برأسمال قدره 25 مليون دينار كويتي، ومنذ البداية، كان هدف زين هو الريادة في قطاع الاتصالات المتنقلة  في البلاد، وتوفير خدمات الاتصالات، وربط المجتمعات من خلال الاتصالات اللاسلكية، ومع رؤية المجموعة للانتشار والتوسع للبحث عن فرص جديدة لنمو عملياتها، شرعت زين لاحقاً في رحلة عابرة للحدود للتوسعات الإقليمية والدولية.

كانت أول شبكة للهاتف النقال للشركة هي شبكة "اتصال الوصول الكامل الموسع" (ETACS) المعروفة أيضاً باسم الجيل الأول، وهي الشبكة التي سمحت بالاتصالات الصوتية الأساسية، كان إدخال تقنية الجيل الأول في الكويت بمثابة قفزة كبيرة إلى الأمام في طريقة تواصل المجتمع، وجلبت تقنية الجيل الأول مفهوم الاتصالات المتنقلة اللاسلكية إلى البلاد.

 مع هذه التقنية..، تمكن المقيمون في الكويت من إجراء واستقبال مكالمات الاتصالات المتنقلة بالإضافة إلى استخدام الهاتف الثابت، ومع ذلك، كانت هناك عيوب لـتقنية الجيل الأول حيث لم تكن التغطية متاحة في كل مكان وكانت جودة الصوت لا تزال تعتبر ضعيفة بالإضافة إلى التكلفة العالية للحصول على الخدمة، مع ذلك، اعتبرت هذه التكنولوجيا ثورية لأنها سمحت للأفراد بالاتصال والتواصل أثناء التنقل، مما جلب مستوى جديدا من الراحة والتنقل في حياتهم اليومية، وفي حين أن تقنية الجيل الأول ركزت في الغالب على الاتصالات الصوتية، إلا أنها وضعت الأساس لمزيد من التقدم في تكنولوجيا الاتصالات المتنقلة.

حوكمة الشركة:

تستمد عمليات زين قوة أدائها من التزامها بمبادئ حوكمة الشركات التي  أصدرتها هيئة أسواق المال في دولة الكويت للشركات الخاضعة لرقابتها، وباعتبارها الشركة الرائدة في السوق الكويتية، اغتنمت الشركة الفرصة لبناء بنية تحتية موسعة، وإدخال المواطنين الكويتيين وإشراكهم في القوى العاملة لديها، وتعزيز العلاقات الدائمة مع العملاء وترسيخ مكانتها كأفضل مزود للخدمات.

في العام 1985، أصبحت زين (إم تي سي حينها) شركة مساهمة عامة حيث أدرجت أسهمها في بورصة الكويت مما سمح للمستثمرين بشراء وتداول الأسهم، وقد جلبت هذه الخطوة العديد من الفوائد بما في ذلك دعم وصول الشركة إلى رأس المال، وجذب المستثمرين الذين ساهموا في نمو ونجاح أعمال المجموعة بشكل متسارع.

حرب الخليج – الغزو:

في الثاني من أغسطس في العام 1990، غزا العراق الكويت، مما أحدث فوضى ودماراً شاملاً في جميع أنحاء البلاد، وقد سلط الغزو الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه أنظمة الاتصالات المتنقلة في البنية التحتية، سواء على مستوى الخدمات اللوجستية أو الإمداد أو المساعدة الإنسانية أو تحديد الموقع الجغرافي، لسوء الحظ، خلال الأسبوع الأول من الغزو، قامت قوات الاحتلال بتدمير شبكات الاتصالات المتنقلة، وشبكات المناداة إما عن طريق نهب المعدات أو لوحات التشغيل أو تدمير البنية التحتية للاتصالات.

في المرحلة الأولى من الغزو، تم تدمير المحطات الأساسية وأنظمة الطاقة إلى جانب وثائق مهمة، وتمكن العديد من موظفي الشركة الذين اعتنوا بسلامة أصول الشركة ضمن الحدود الممكنة من تأمين بعض الوثائق السرية، كما تعرضت المحطات الأساسية للقصف من قبل قوات التحالف نتيجة استخدامها من قبل القوات العراقية كمراكز اتصالات.

تم تدمير نظام المناداة أيضاً حيث تم نهب النظام الرئيسي مما أدى إلى عدم القدرة على استخدام المحطات الأساسية التي ظلت آمنة، وتعرض مركز الصيانة لتدمير كامل، مما أدى إلى فقدان جميع الآلات ومعدات الاختبار وقطع الغيار، وكان الدمار والخسائر التي تكبدتها الشركة صعبة وكبيرة للغاية.

بعد تحرير الكويت، واجه بعض أعضاء الشركة - بما في ذلك أعضاء مجلس الإدارة والموظفين - صعوبة في الاجتماع في الكويت بسبب عدم توفر وسائل الاتصال، وشمل ذلك أيضاً انقطاع التيار الكهربائي وإمدادات المياه، وعُقدت الاجتماعات الأولى في دبي والمنامة للحصول على فهم أفضل للأضرار الإجمالية الناجمة وركزت المناقشات على كيفية سعي الشركة للمضي قدما، وشملت التحديات الرئيسية التي تمت مواجهتها في إعادة تأهيل البنية التحتية حقول الألغام العديدة وبحيرات النفط المنتشرة حول المحطات الأساسية إلى جانب درجات الحرارة المرتفعة للغاية الناتجة عن حرق آبار النفط، بالإضافة إلى ذلك..، أدى التلوث الناتج عن حرق آبار النفط إلى ترك سحب من الظلام في جميع أنحاء البلاد مما جعل من الصعب تحديد مواقع المحطات الأساسية، مما زاد من خطر دخول حقول الألغام.

بعد أن بدأ مطار الكويت أعمال التشغيل، تم شحن المعدات اللازمة لإعادة بناء الأنظمة تدريجياً مع نظام المناداة الذي أصبح قادرا على العمل بشكل كامل مرة أخرى في أكتوبر 1991، ونظام الاتصالات المتنقلة في وقت لاحق من ذلك العام.

وبسبب الغزو، قدرت الخسائر الاقتصادية للشركة بمبلغ 34.2 مليون دينار كويتي، واشتمل هذا الرقم على النشاط الاقتصادي المتوقع خلال هذه الفترة الزمنية، والأرباح المتوقع تحقيقها، والتكلفة الحالية لاستبدال الأصول المتضررة، وخلال تلك الفترة تقدمت الشركة بطلب تعويض للمساعدة في تغطية الخسائر وحصلت على قرض من بنك الكويت الوطني لتمويل شراء معدات لأنظمة الاتصالات المتنقلة وأنظمة المناداة وتشييد المباني والمرافق.

لم تكن الشركة تركز فقط على إعادة بناء البنية التحتية التي فقدتها، ولكنها أرادت أيضاً ضمان استمرارها في التقدم والنمو في المسار الذي كانت تتجه إليه قبل الغزو، على هذا النحو..، قامت الشركة بالتعاقد لتوريد نظام حاسوبي جديد لخدمة الأغراض الإدارية والمالية، وسعت الشركة إلى شراء نظام حاسوبي جديد لإعداد فواتير كل من أنظمة المناداة والاتصالات المتنقلة لتتمكن من التعامل مع السعة المتزايدة للعملاء.

أثر الغزو أيضاً على موظفي الشركة، فقبل الغزو مباشرة، كان عدد الموظفين 155 موظفا، منهم 12% كويتيين مع تركيز 50% في الإدارة الفنية، وبعد التحرير انخفض عدد الموظفين إلى 97 موظفاً منهم 32% كويتيين بسبب تأثر سوق القوى العاملة المحلية بالظروف التي تلت التحرير.

بعد التحرير قامت الشركة بتقييم السعة المطلوبة في الدولة لنظام المناداة (البيجر)  التي تم تحديدها بـ 50 ألف عميل، ونظراً لعدم توفر المعدات اللازمة، كافحت الشركة لإنشاء المحطات الأساسية، ومع ذلك، فقد تمكنت من تلبية احتياجات السوق بحلول يونيو 1992 من خلال إنشاء 8 محطات أساسية إضافية، وتقدمت الشركة ببطء إلى أن أصبح لديها أكثر من 35 محطة في جميع أنحاء البلاد بحلول نهاية العام 1992.

بفضل شجاعة الموظفين التي حفظت وثائق الشركة السرية والمهمة، تمكنت الشركة من الحفاظ على حقوق الشركة وعملائها، وبعد أن تمكنت الشركة من تشغيل نظام المناداة، تمكنت من إعادة تنشيط الخدمة للمشتركين الحاليين الذين كانوا  ما زالوا يحتفظون بأجهزة المناداة الخاصة بهم، وبعد استعادة أجهزة المناداة الموجودة، بدأت الشركة في توزيع دفعات أجهزة مناداة بدءاً من أكتوبر 1991 وما بعده، التي تألفت من 6500 وحدة بما في ذلك العملاء السابقين الذين احتاجوا إلى استبدال أجهزة المناداة الخاصة بهم لأنها إما فقدت أو تعرضت للتلف.

سلطت هذه الفترة الضوء على العلاقة المتبادلة بين توفر خدمات الاتصالات وحماية حقوق الإنسان، واستجابة الشركة السريعة لإعادة بناء البنية التحتية اللازمة تشير إلى الدور الذي لعبته الشركة في دعم حقوق الإنسان من خلال ضمان الوصول إلى وسائل الاتصال، مما سمح للمواطنين بممارسة حقهم في الحصول على المعلومات والتواصل مع أحبائهم، ومن المهم أيضاً أن ندرك أن إعادة إنشاء المحطات سهلت أيضاً جهود التنسيق والاستجابة الفعالة للمساعدات الإنسانية.

إدخال تكنولوجيا GSM:

مع استمرار تقدم تكنولوجيا الاتصالات المتنقلة..، تم إطلاق تقنية  GSM الجيل الثاني للاتصالات اللاسلكية رسمياً في فنلندا في العام 1991، وبعد أربع سنوات فقط من الانتهاء من مرحلة إعادة التأهيل بعد الغزو، قدمت زين تقنية GSM في السوق الكويتي، وأدى تأثير تقنية GSM على الاقتصاد إلى تحسين جودة المكالمات والرسائل وخدمات البيانات الأساسية، وكان هذا بمثابة علامة بارزة في نمو عمليات الشركة، حيث فتح مسارات جديدة للتواصل السلس، وأدى إدخال تقنية الجيل الثاني إلى تغيير المشهد وخلق ثورة ثقافية من خلال تزويد الأشخاص لأول مرة بالقدرة على إرسال رسائل نصية قصيرة ورسائل مصورة ورسائل الوسائط المتعددة.

خلال هذه الفترة الزمنية..، كانت الشركة لا تزال تعتبر أنشطتها مدفوعة بالتكنولوجيا، وكان التركيز على طرح أحدث التطورات التكنولوجية دون النظر حقاً في تجزئة السوق والقدرة على تحمل التكاليف وإمكانية الوصول، ومع ذلك - أصبحت الأجهزة بأسعار معقولة أكثر - كان على الشركة إعادة التفكير في الطريقة التي تطرح بها منتجاتها وخدماتها.

 لاحظت زين أن أجهزة المناداة (البيجر) لا تزال تستخدم في الغالب من قبل الشباب، وأن أجهزتها يمكن الوصول إليها بسهولة أكبر، ومع زيادة عدد الأفراد المتصلين بالشبكة، بدأت تحديات محددة في الظهور مثل "عاصفة الإشارات" (Signal Storm)، وهو مصطلح يستخدم لوصف الموقف الذي يطغى فيه حجم كبير من رسائل الإشارة على البنية التحتية للشبكة مما يسبب الازدحام ويسبب انقطاعاً محتملاً للخدمة، خلال هذا الوقت، استفادت الشركة من شراكاتها مع موردين عالميين لضمان وجود البنية التحتية المناسبة لاستيعاب الحجم المتزايد للمشتركين.

بعد التحرير..، ركزت جهود البلاد بشكل كامل على معالجة الأضرار التي سببتها الحرب، إذ ترك الغزو العراقي معاناة إنسانية واسعة النطاق، ودُمرت البنية التحتية الأساسية، وتعطلت القدرة على إنتاج النفط، وتضررت أصول الحكومة والقطاع الخاص، وفي منتصف التسعينيات، تحركت الكويت بسرعة لإعادة بناء البنية التحتية المفقودة، وكان على الشركة أن تعمل بالتوازي مع الحكومة حيث ركزت على جوانب إعادة التأهيل والتعافي من إعادة بناء البنية التحتية المتضررة، كما أن  الحاجة الملحة لإعادة البناء والتأكد من نشر أحدث التقنيات هيأت الشركة للتأكد أيضاً من أنها تتقدم بخطوة للأمام، وهذا ما جعل الشركة قادرة على الاستجابة للأزمات المستقبلية بطريقة مبتكرة ورشيقة.