ماذا يعني (صافي الانبعاثات الصِّفريّ) لقطاع الاتصالات المتنقلة؟
تعد صناعة الاتصالات المتنقلة أحد القطاعات الأولى التي التزمت بأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة مع التركيز على الهدف رقم 13 “العمل المناخي”، ومن خلال الالتزام باتفاق باريس، يظهر القطاع بأكمله ريادته وجديته في هذا الأمر.
عانى قطاع الاتصالات المتنقلة من تأثيرات تغيُّر المناخ مثلما عانت الأنشطة الاقتصادية الأخرى، وذلك من خلال الفيضانات والجفاف، فضلاً عن ارتفاع درجات الحرارة التي تؤثر على البنيته التحتية، وعلى العمر الافتراضي للأصول، لأنه ينبغي أن يضمن مشغلو الاتصالات المتنقلة أن يوفروا الاتصال لملايين الأشخاص في أنحاء العالم، فإن استمرارية الأعمال هي جانب مهم، وفي ظل التحول الرقمي الذي يحدث في أنحاء العالم من خلال تطوير الطرق الرقمية السريعة، يواصل مشغلو الاتصالات المتنقلة الاستجابة للاحتياجات والطلب المتزايد من جانب أصحاب المصلحة.
يُظهر الاستثمار المستمر في التكنولوجيا – مثل طرح شبكات الجيل الخامس – التحديات التي يواجهها المشغلون في ما يتعلق بإزالة الانبعاثات الكربونية، ومن ثم، فمن المهم للغاية الاستفادة من تحليلات البيانات والذكاء الاصطناعي لإيقاف تشغيل المعدات أثناء أوقات الهدوء إلى جانب إيقاف تشغيل المعدات التقليدية القديمة.
دوافع/محركات مشجعة ليصبح القطاع أكثر كفاءة
طوال الوقت..، كان تركيز صناعة الاتصالات المتنقلة على ترقية الخدمات من الجيل الثاني إلى الجيل الثالث ثم إلى جيل LTE ، الآن الجيل الخامس بالإضافة إلى زيادة الوصول إلى التغطية، مع ذلك، فإنه مع ارتفاع وزيادة الوعي بتأثير تغيُّر المناخ بالإضافة إلى اهتمام المستثمرين بالتخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري، فإن المشغلين الآن لا يقومون فقط بتقييم بصمتهم البيئية وطرق الحد منها، بل يركزون أيضاً على كفاءة واستدامة شبكاتهم.
إن ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء أحد الدوافع الرئيسية لكفاءة الشبكات حيث تبحث الصناعة عن بدائل، بالإضافة إلى ذلك، أدى تحول مشغلي الاتصالات إلى الخدمات غير الأساسية، وتوسيع خدمات شركات الأعمال (B2B) إلى الاعتماد على مراكز البيانات التي تستهلك كميات كبيرة من الطاقة، وتساهم اللوائح التنظيمية البيئية أيضاً في إحداث تغييرات منهجية نحو مزيد من الكفاءة على مستوى القطاع، فالشركات تتأثر الآن بلوائح تنظيمية محددة، مما يشجع على مزيد من الشفافية في الإفصاح عن خطط (صافي الانبعاثات الصِّفريّ)، ولعبت السياسات الضريبية أيضاً دوراً في تشجيع الشركات على الاستثمار في الحلول الخضراء الصديقة للبيئة.
إصلاح تنظيمي وسياسي متزايد
الاتحاد الأوروبي هو من أكثر الأسواق تقدماً في جهود التحكم في المناخ، فلقد فرض مبادرات ضريبية على الشركات لتقليص انبعاثاتها من أجل تحقيق خفض بنسبة 55% في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول العام 2030 لتصبح أوروبا قارة خالية من الانبعاثات الكربونية بحلول العام 2050.
على سبيل المثال..، فرض الاتحاد الأوروبي ضرائب على الطاقة على المنتجات التي تستخدم البنزين والديزل للنقل، ولتحقيق أهدافه، أدرك الاتحاد الأوروبي أن التغيير المجتمعي العميق ينبغي أن يحدث، من أجل تحريك عجلة مبادرات إدارة النفايات والتخفيف من التدهور البيئي.
إن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا متأخرة جداً من حيث السياسات والممارسات التنظيمية المتعلقة بمعالجة تغيُّر المناخ، فوفقاً للبنك الدولي، تُعتبر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المنطقة الأكثر عُرضة لتغيُّر المناخ مع تداعيات مباشرة على الأمن الغذائي والمائي، وذلك نظراً لارتفاع درجات الحرارة بالفعل، والتصحر، وتدهور الحياة البحرية والساحلية، وارتفاع مستويات تلوث الهواء.، بالإضافة إلى ذلك، يؤكد البنك الدولي أيضاً على كيفية اعتبار تغيُّر المناخ “تهديداً مضاعفاً” في المنطقة بناءً على ما يلي:
الاعتماد الكبير على الوقود الأحفوري
تهديد الأمن المائي والغذائي
نضوب الموارد الطبيعية،
مما يؤدي إلى الهجرة
مدن عالية التحضر
المنطقة الأقل تلقياً للدعم التمويلي الدولي المتعلق بالمناخ
نظراً لارتفاع مخاطر تغيُّر المناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن الافتقار إلى اللوائح التنظيمية وإصلاح السياسات يُعرِّض المنطقة لمخاطر بيئية كبيرة، مع ذلك، فإن بعض الحكومات في المنطقة بدأت في الضغط من أجل تنفيذ سياسات بيئية أكثر سلامة..، في التالي أهم التطورات التي شهدتها أسواق مجموعة زين:
البحرين
يقر المجلس الأعلى للبيئة في البحرين بتعرض المملكة لخطر ارتفاع مستوى سطح البحر نظراً لكونها جزيرة، ومن هذا المنطلق، وضع المجلس تشريعات وطنية لضمان الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية مع ضمان أن تلك التشريعات لا تسبب أي ضرر للبيئة، كما تأخذ التشريعات الموضوعة على المستوى الوطني في الاعتبار الاتجاهات الدولية والعالمية في ما يتعلق بمعالجة تغيُّر المناخ.
العراق
يعاني العراق فعلياً من عواقب تغيُّر المناخ الذي أدى إلى نقص الغذاء والماء بسبب درجات الحرارة القصوى، وقد فرضت وزارتا الزراعة والمياه بالفعل لوائح تنظيمية تحظر أنشطة زراعية في الأراضي التي تندر فيها المياه بالفعل، وأعربت الحكومة العراقية عن رغبتها في الوصول إلى “صندوق المناخ الأخضر”، بعد أن صادقت على اتفاقية باريس في العام 2021، وتواصل الدولة إحراز تقدم في التصدي للتأثيرات السلبية الناجمة عن تغيُّر المناخ، كما تتعاون الحكومة بشكل وثيق مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لوضع اللمسات الأخيرة على مساهماتها المحددة وطنياً لإبراز الاتجاه والخطط للحد من انبعاثاتها الكربونية.
الأردن
تحت إشراف وزارة البيئة، وضعت المملكة الأردنية “السياسة الوطنية لتغيُّر المناخ” (2013-2020) – وهي الإطار الدليلي الاستراتيجي للقطاع، ومن خلال هذه الخطة، حددت المملكة نقاط عمل واضحة، كان أحد أهدافها “استكمال السياسة والإطار القانوني للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة وتعزيز تطوير وتنفيذ وإنفاذ اللوائح التنظيمية الحالية”.
من هذا المنطلق..، قام الأردن لاحقاً بتحديث قانون البيئة الخاص به لوضع لوائح تنظيمية لضمان أن المملكة أكثر كفاءة في استخدام الطاقة.
الكويت
في العام 2019، أطلقت الكويت خطتها الوطنية للتكيُّف بالتعاون مع كل من: وكالة الأمم المتحدة للبيئة، ومبادرة “الكويت الجديدة”، والأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، والهيئة العامة للبيئة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، من المقرر أن تكتمل خطة التكيُّف هذه بحلول العام 2030 استجابة للاتفاقيات البيئية الدولية، ومن خلال هذه المبادرة، تهدف الدولة إلى مواءمة جميع السياسات واللوائح التنظيمية، ومن خلال الهيئة العامة للبيئة في الكويت، تم تمرير قانون حماية البيئة ثم جرى تعديله في العام 2015، الهدف من ذلك التشريع هو:
تقليص التلوث البيئي
الحفاظ على الموارد الطبيعية
معالجة التحديات البيئية
تحقيق التطوير الدائم وإدخال المكونات
البيئية في الهياكل التنظيمية
في أكتوبر 2021، نشرت الكويت تحديثاً لمساهماتها المحددة وطنياً من أجل تقديم تفاصيل حول التقدم الذي أحرزته في ما يتعلق بتنفيذ مبادئ الاقتصاد الدائري، القصد من ذلك هو توضيح أهمية التعاون بين الجهات الفاعلة سواء الحكومية أو في القطاع الخاص، بما يؤدي إلى نتائج أكثر تأثيراً في الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
السعودية
انسجاماً مع قوانين تغيُّر المناخ في العالم، تبنت المملكة العربية السعودية سبعة قوانين وسياسات بشأن تغيُّر المناخ:
- البرنامج الوطني للاقتصاد الدائري منخفض الكربون: يتبع هذا البرنامج منطق الركائز الأربعة (Rs)، وهي: التقليص، إعادة الاستخدام، إعادة التدوير، والإزالة بهدف تمكين الاقتصاد الدائري منخفض الكربون.
- مبادرة السعودية الخضراء: تهدف هذه المبادرة إلى توليد 50% من طاقة المملكة من مصادر الطاقة المتجددة وزراعة 10 مليارات شجرة بحلول العام 2030.
- الاستراتيجية الوطنية السعودية للمياه: هذه الاستراتيجية ترشد المملكة وتوفر إطار عمل حول كيفية بناء قطاع مياه مستدام إلى جانب حماية الموارد الوطنية.
- البرنامج الوطني للطاقة المتجددة: يهدف هذا البرنامج إلى وضع رؤية الحكومة لتنويع مصادر الطاقة، وتحفيز النمو المستدام، وتقليص انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
- “رؤية السعودية 2030” وخطة تنفيذها: بموجب هذه الرؤية، هناك هدف قائم لتوليد 9.5 غيغاوات من الطاقة المتجددة بحلول العام 2023.
- المرسوم الملكي بإنشاء مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة 2010: تتولى مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة إجراء البحوث وتنفيذ سياسات الطاقة الذرية والمتجددة في المملكة.
- البرنامج الوطني لكفاءة الطاقة 2008: أطلق هذا البرنامج ثمانية أهداف، تشمل: مقدمة لتدقيقات الطاقة؛ ملصقات كفاءة الطاقة، ومعايير للأجهزة، وكود إنشائي.
السودان
أدرج السودان تقديماً مؤقتاً لمساهمته المحددة وطنياً في إطار “اتفاقية باريس”، ومن خلال هذا التقديم، يصرح السودان بالتزامه بالسعي إلى خفض الانبعاثات وتحقيق تنمية مستدامة مرنة في قطاعات الطاقة والغابات واستخدام الأراضي، يحدد ذلك التقديم خطط تخفيف واضحة ينبغي تضمينها في إصلاح السياسات ذات الصلة.
مسار مشغلي الاتصالات المتنقلة إلى (صافي الانبعاثات الصِّفريّ)
إلى جانب الضغط التنظيمي..، تشكِّل المكونات المدفوعة مالياً عوامل خارجية تدعم انتقال مشغلي الاتصالات المتنقلة، في ضوء هذا السياق، من الأهمية بمكان ملاحظة أهمية ضمان استمرار القادة في دفع عجلة هذا التحول نحو معالجة التأثير المتزايد لتغيُّر المناخ، والتقرير الصادر عن اتحاد GSMA تحت عنوان: “صافي الانبعاثات الصِّفريّ في مجالات الاتصالات المتنقلة – حالة الصناعة بشأن العمل المناخي للعام 2021” يحدد الخطوات الثلاث التالية المطلوبة لتحقيق طموحات صناعة الاتصالات المتنقلة: