تعريف
(صافي الانبعاثات الصِّفريّ)
التوافق مع اتفاقية باريس الأممية
في العام 2015، تم اعتماد اتفاقية باريس بموجب “اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ” (UNFCC) من جانب 196 دولة، بهدف الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، وإذ تستند تلك المعاهدة الملزمة إلى أبحاث علمية مكثفة، فإنها تهدف إلى أن تظل زيادة معدلات درجات الحرارة العالمية في حدود أقل من 2 درجة مئوية؛ ويستحسن 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل عصر الثورة الصناعية، وأيدت “الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ” (IPCC (2018)) في تقريرها الخاص بالانتقال إلى “صافي انبعاثات صفري” أن الحد من الاحتباس الحراري العالمي إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعة بحلول منتصف القرن سيقلل من المخاطر المرتبطة بتغيُّر المناخ.
استجابة لطلب من “اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغيُّر المُناخيّ” لمقارنة تأثيرات ارتفاع بمقدار 1.5 درجة مئوية مع تأثيرات ارتفاع بمقدار 2 درجة مئوية، أوصى التقرير الخاص للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغيُّر المُناخيّ (2018) بالتركيز على هدف 1.5 درجة مئوية بحلول منتصف القرن.
لضمان وضع خطة متماسكة وقابلة للقياس..، قدمت كل دولة خطة عملها المعروفة باسم “المساهمات المحددة وطنياً”، تشتمل هذه الخطط على الكيفية التي تهدف بها كل دولة إلى تقليص انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بالإضافة إلى تضمين طرق لكيفية بناء المرونة للتكيف مع تزايد ارتفاع درجات الحرارة.
يؤيد “اتفاق باريس” أن تخفيضات الانبعاثات ينبغي أن تكون بأرقام مطلقة، بمعنى أنه لن يتم قبول استهداف قيمة مستوى انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لكل وحدة أو قياس، ويفترض هذا الموقف أن المؤسسات التي ترغب في تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الخاصة بها ينبغي أن تعيد التفكير في الطريقة التي تدير بها أعمالها، كما نصت الاتفاقية على أن التكيُّف والتخفيف ينبغي أن يكونا متوازنين في ما يتعلق بتمويل الاستراتيجيات المتعلقة بتغيُّر المُناخ.
أوصى برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة UNEP (2016)) بالسنة المستهدفة من 2045 – 2055 لتحقيق صافي انبعاثات كربون صفرية، بالنسبة لصافي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الصفري، فإن السنة المستهدفة هي 2060 – 2080، ما يعني أن عملية إزالة الغازات غير الكربونية تحتاج إلى وقت أطول من إزالة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
توفر اتفاقية باريس إطاراً حول كيفية معالجة المتطلبات المالية والتقنية والمتطلبات المتعلقة ببناء القدرات لتحقيق الأهداف المعلنة للاتفاقية.
الجانب المالي
في هذا النطاق..، يوجه “اتفاق باريس” المزيد من الدول المتقدمة لتقديم المساعدة المالية للمجتمعات الأقل نمواً والأكثر ضعفاً، فالاستثمارات واسعة النطاق هي مطلب للتخفيف والتكيُّف مع التأثيرات السلبية لتغيُّر المناخ، فإذا لم تدعم الدول بعضها البعض، فسيظل من الصعب للغاية تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية..، خلال مؤتمر COP26، أطلق “تحالف اتفاق باريس” آلية مالية لتوفير الأموال للدول النامية، إذ تم تخصيص “صندوق المناخ الأخضر” (GCF) للتعامل مع أهلية كل دولة وفي أي مجال ينبغي تحديد أولويات إنفاق الأموال، من بين أمثلة الآليات المالية التي يمكن تنفيذها على المستوى المحلي ما يلي:
صناديق المناخ الوطنية
أسواق الكربون الوطنية
القروض الميسرة المشروطة وغير المشروطة:
يمكن أن تتجاوز القروض غير الميسرة معدل واحد إلى واحد حيث يعتمد القرض على ما إذا كان المشروع قد حقق أهدافاً محددة متعلقة بالمناخ أم لا.
المنح
أدوات التأمين
السندات الخضراء
يمر تمويل الانتقال نحو “صافي الانبعاثات الصِّفريّ” حالياً بعملية تحول، مثل: تخصيص رأس المال، الاستثمارات، والنماذج الاقتصادية الحالية بحاجة إلى تعديل للسماح بانتقال شامل لأنظمة التمويل بأكملها، حيث أصبح التركيز على المؤشرات البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) الآن يكتسب أهمية جوهرية بالنسبة لصناديق أسواق المال، مع التركيز بشكل خاص على المخاطر والفرص المتعلقة بتغيُّر المناخ.
الجانب التقني
لتسريع وتوسيع نطاق العمل نحو معالجة مشكلة تغيُّر المناخ، ينبغي استخدام تقنيات متقدمة لتحقيق الأهداف العالمية، الغرض من المنهجية التقنية هو توفير التوجيه بشأن الآليات التكنولوجية التي ينبغي استخدامها لتعزيز وتشجيع تطوير “اتفاق باريس” وتقدُّمه، وهي تتألف من اللجنة التنفيذية للتكنولوجيا (TEC) ومركز وشبكة تكنولوجيا المناخ (CTCN).
تشمل الموضوعات الرئيسية المحددة في المبادئ التوجيهية ما يلي:
الابتكار
التنفيذ
البيئة التمكينية وبناء القدرات
التعاون وإشراك أصحاب المصلحة
دعم التطورات المبتكرة وإدخال تقنيات أكثر كفاءة في مختلف القطاعات
بناء القدرات
على غرار الاتجاه الذي تم انتهاجه بشأن المبادئ التوجيهية للتكنولوجيا، يهدف بناء القدرات إلى تشجيع المزيد من الدول المتقدمة على مواصلة دعم الدول النامية ليس فقط من خلال تبادل المعرفة، ولكن أيضاً من خلال إبلاغ الإنجازات والتقدم المحرز في تحقيق الأهداف، يؤكد هذا المجال على أهمية الوعي العام والتعليم والتدريب بشأن تغيُّر المناخ.
في إطار هذا الموضوع..، تم إطلاق مبادرة فرعية بعنوان “مبادرة بناء القدرات من أجل الشفافية” (CBIT)، تهدف هذه المبادرة إلى معالجة الإبلاغ والإفصاح عن “المساهمات المحددة وطنياً” من جانب الدول.
تشمل النقاط الرئيسية في إطار هذه المبادرة:
- المؤسسات الوطنية
- الأدوات والتدريب
- الشفافية بمرور الوقت
مما لا شك فيه أن بناء القدرات يلعب دوراً محورياً في الانتقال نحو تحقيق (صافي الانبعاثات الصِّفريّ)، وإلى جانب التكنولوجيا والتمويل، ربما يكون بناء القدرات هو العنصر الأكثر أهمية في التمحور وتغيير العقلية والشروع في التبنِّي السليم والمستدام للعمليات الجديدة في أنحاء العالم، في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تشكل أزمة المناخ تهديدات كبيرة، وعندما تقترن تلك الأزمة بالتضخم الهائل في شريحة الشباب وارتفاع معدلات البطالة والحد الأدنى من التغيير الشامل، فإنه ينبغي اعتبار الحاجة إلى بناء القدرات أولوية قصوى.
صافي الانبعاثات الصِّفريّ
بسبب الإقبال الكبير على “اتفاقية باريس”، أصبحت هناك جهود متزايدة من جانب 196 دولة تعمل من أجل اقتصاد منخفض الكربون، نتيجة لذلك، التزمت المزيد من المؤسسات بأن تتجه إلى صافي انبعاثات صِّفريّ أو محايدة كربونياً بحلول عام محدد..، أدى هذا الاتجاه إلى تسريع الابتكار وتطوير حلول تنافسية صفرية الكربون.
إن تحالف (صافي الانبعاثات الصِّفريّ) التابع للأمم المتحدة يرصد ويحدد أهمية الالتزام بخط الأساس هذا، وهو يقدم التعريف التالي:
ما هو (صافي الانبعاثات الصِّفريّ)؟
خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إلى ما يقرب من الصفر قدر الإمكان، مع إعادة امتصاص الانبعاثات المتبقية من الغلاف الجوي إلى المحيطات والغابات، يحدث ذلك عندما تكون جميع غازات الاحتباس الحراري المنبعثة مساوية لجميع غازات الاحتباس الحراري التي يتم إزالتها من الغلاف الجوي.
ينبغي أولاً على الشركات التي تلتزم بـ (صافي الانبعاثات الصِّفريّ) أن تأخذ بعين الاعتبار أن الانبعاثات تشير إلى جميع غازات الاحتباس الحراري بما في ذلك ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز، إن مصطلح “محايد كربونياً” مشابه لـمصطلح (صافي انبعاثات صِّفريّ)، لكنه يشمل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون فقط، ويتطلب تحقيق (صافي انبعاثات صِّفريّ) أنشطة تعويضية لحساب غازات الاحتباس الحراري المنبعثة من أنشطة الشركة.
لماذا يُعتبر (صافي الانبعاثات الصِّفريّ) مهماً؟
أظهرت دراسات أنه من أجل أن يكون لدينا كوكب صالح للسكن، فإنه ينبغي أن تظل درجات الحرارة العالمية محدودة عند مستوى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل عصر الثورة الصناعية، حيث وصلنا الآن إلى 1.1 درجة مئوية فوق تلك المستويات، للوصول إلى هدف 1.5 درجة مئوية، فإنه ينبغي تقليص الانبعاثات بنسبة 45% بحلول العام 2030 لتصبح (صافي صِّفريّ) بحلول العام 2050.